ســــر الــزواج

أَيُّها الرَّبُّ إِلهُنا بالمجدِ والكرامَةِ كلِّلْهُما. وعلى أَعمالِ يَديك سلِّطْهُما

سرُّ الزواج

س- ما هو سرُّ الزواج؟

ج- الزواج هو سر يقدّس قران الزوجين ويمنحهما من النعم ما يمكّنهما من النهوض بأعباء الحياة الزوجية، ويرمز إلى اتحاد المسيح بالكنيسة على ما أعلن بولس الرسول حيث قال: «أَيُّهَا الرِّجَالُ أَحِبُّوا نِسَآءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ الْكَنِيسَةَ وَبَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِيُقَدِّسَهَا مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَآءِ وَكَلِمَةِ الْحَيَاةِ، لِيُهْدِيَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً لا كَلَفَ فِيهَا وَلا غَضْنَ وَلا شَيْءٌ مِثْلُ ذلِكَ بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً مُنَزَّهَةً عَنْ كُلِّ عَيْبٍ. فَكَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَآءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ... وَلِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْزَمُ امْرَأَتَهُ فَيَصِيرَانِ كِلاهُمَا جَسَدًا وَاحِدًا. إِنَّ هذَا لَسِرٌّ عَظِيمٌ» (أفسس 5/25).

 

س- من وضع أسس الزواج؟

ج- هو الله تعالى الذي وضع أسس الزواج في فجر الخليقة يوم خلق الإنسان ذكرًا واحدًا وأنثى واحدة وباركهما وجمعهما بعضهما ببعض. ويستدل ذلك من هتاف الإنسان الأول آدم لما وجد المرأة قباله: «هذِهِ الْمَرَّةَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهْ تُسَمَّى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِئٍ أُخِذَتْ. وَلِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْزَمُ امْرَأَتَهُ فَيَصِيرَانِ جَسَدًا وَاحِدًا» (تكوين 2/21). فالزواج يستمد وحدته إذن من الله مباشرة.

 

س- من أين أتت عادة تعدد الأزواج؟

ج- أتت عادة تعدد الأزواج من جراء الخطيئة الأصلية وانحراف الطبيعة البشرية عن الطريق السوي.

 

س- ماذا كان تشريع السيد المسيح بشأن الزواج؟

ج- أعاد السيد المسيح إلى الزواج قدسياته بأن ردَّه إلى وضعه الأمثل أي إلى وحدته وعدم انفصاله لما دحض مزاعم الفريسيين في ما يختص بالطلاق بقوله: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي الْبَدْءِ ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ وَقَالَ: لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْزَمُ امْرَأَتَهُ فَيَصِيرَانِ كِلاهُمَا جَسَدًا وَاحِدًا فلَيْسَا هُمَا أثنَيْنِ بَعْدُ وَلكِنَّهُمَا جَسَدٌ وَاحِدٌ وَمَا جَمَعَهُ اللهُ فَلا يُفَرِّقْهُ إِنْسَان» (متى 19/4-7).

 

س- بماذا يقوم جوهر الزواج؟

ج- هي أن يتشبّه الإنسان بالثالوث الأقدس الذي هو محبة وخَلْق، ويُتمّ الزوجان ذلك بحبّهم المتبادل وإنجاب البنين وتربيتهم.

 

س- ما هي الغاية من الزواج؟

ج- غاية الزواج ثلاثة: ولادة البنين وتربيتهم، وإخماد نار الشهوة، ومبادلة المساعدة لتذليل صعاب الحياة.

 

س- لماذا تعدد الأزواج يتنافى وعقد الزواج؟

ج- تعدد الأزواج يتنافى وعقد الزواج لأن طبيعة الزواج تفرض الوحدة وتنفي الازدواج. فالمتعاقدان يهب كل منهما صاحبه الحق الزوجي هبة لا رجعة عنها. وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول بقوله: «إِنَّ الْمَرْأَةَ لا تَتَسَلَّطُ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ رَجُلُهَا وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لا يَتَسَلَّطُ عَلَى جَسَدِهِ بَلِ امْرَأَتُهُ». (1كورنتس 7/4) فلا الرجل يملك بعد حق التصرف بجسده وقلبه ولا المرأة. ومن فغل نقض العهد وخان. ثم إن تعدد الأزواج تجديف على مفهوم الحب الصافي. يقسم الرجل بالإنجيل على أن يحبس قلبه على شريكة حياته ثم يقاسمه سواها فيشركها فيه فيحنث بالقسم ويخون العهود. وما يُقال في الرجل يصح قوله في المرأة. والقلب لا تجزئة فيه ولا تقسيم ولا يوهب مرات في الزواج بل مرّة واحدة، تتجدد كل يوم وكل ساعة ويكافح الزوجان في سبيل الدفاع عن سعادتهما فيضحي كل منهما بالنزوات العارضة والمغريات الفاتنة ليبقيا على عهد الوفاء والإخلاص.

 

س- هل يملك الزوجان حق نقض عقد الزواج؟

ج- يملك الزوجان حق عقد الزواج ولكنهما لا يملكان حق نقضه وما ازوجه الله لا يفرّقه إنسان. فلا طلاق إذن في المسيحية ويستمد الزواج المسيحي صفة الثبات وعدم الانفصام من مشابهته باتحاد المسيح بالكنيسة: «كَمَا اتَحَدَ الْمَسِيحُ بِكَنِيسَتِهِ هكَذا يَكُونُ اتحَادُ الرَّجُلِ بِالمرْأَة»، يقول بولس الرسول (أفسس 5/25).

 

س- ما هي منافع عدم انحلال الزواج؟

ج- عدم انحلال الزواج يساعد الزوجين على توطيد الألفة والمحبة. فمتى رسخ في ذهنهما أن لا افتراق لأحدهما عن الآخر عمل كل منهما على ترويض إرادته وتذليل ما يعترضه من صعاب، فخنق روح الشهوة وتسامى فوق أسباب الأغراء وجهد في صد التجربة وصبر على مشاق الحياة وقاسم شريك حياته أفراحه وأتراحه، وهكذا تشيع الألفة بين الزوجين ويسود السلام.

 

س- ما هي مضار انحلال الزواج أو الطلاق؟

ج- فكرة انحلال الزواج أو الطلاق تجعل الثقة تنعدم بين الزوجين ويسود العيلة جو من الحذر والريبة فتروح المرأة تتأهب ليوم الطلاق العصيب فلا تستسلم لزوجها بثقة. وربما احتفظت بمالها الشخصي أو ادَّخرت ما تختلسه من مال زوجها، وربما تمنّت له فقرًا يحول دون اتيانها بضرة. وكذلك الرجل يروح يراقب زوجته مراقبة صارمة لا تتفق وروح المحبة العائلي. وكم من رجل طلَّق امرأته في ساعة غيظ ونزق ثم ندم حين لا ينفع الندم! وكم من زوجة تعرّضت بعد الطلاق لأدهى المصائب، إمَّا للشرود والانحطاط الخلقي وإمَّا للبؤس والشقاء! وما القول عن أثر الطلاق في أخلاق الأولاد فهو يقضي على سعادتهم بعد فصلهم عن والدهم أو والدتهم فينشأون إمَّا لا والدة تلطف من قسوة السلطان الوالدي وترطب من جفاف حزمه وإمَّا لا والد يدخل على حنان الوالدة بعضًا من حزمه فتفقد نفسية الأولاد بعضًا من عناصر اتزانها فتسوء أخلاقهم وتشرس طباعهم فيشبون وفي قلبهم نقمة على الحياة وايجاس من الناس يطبعهم مدى العمر

 

س- ولكن ما الحيلة بزوجة مستهترة أو زوج خليع؟ وهل من العدل أن يقضي على الزواج البريء مدة الحياة بالعيشة في جحيم مقيم؟ أفلا يكون الطلاق في هذه الحال خير وسيلة للنجاة؟

ج- ليس من ينكر أنه قد يتّفق أن تقع حوادث زواج لا يكون التوفيق فيها حليف الزوجين فيستحيل الانسجام بينهما وتتعذر المساكنة. إنما تبقى هذه الحوادث شواذًا تثبت القاعدة.

فالشمس ولو حدث أن أحرقت نبتةً وأودت بحياة حيوان أو إنسان، تبقي عنصرًا جوهريًا من عناصر الحياة للنبات وللحيوان وللإنسان. والطائرة ولو حدث أن انفجرت مرةً بركابها وأحدثت ضحايا تبقى اختراعًا له خير الفوائد، وكذا الزواج الثابت الوثاق، ولو تعذّر فيه أحيانًا التفاهم بين الزوجين يبقى مدرسة لترويض الإرادة وصقل الأخلاق وتلقين مبادئ التضحية والكفران بالذات

 

س- ولكن ما الحيلة إذا استعصى التوفيق بين الزوجين واستحكم الخلاف؟

ج- إذا استعصى التوفيق بين الزوجين واستحكم الخلاف فلا يبقى إلاّ الهجر، والكنيسة تحكم فيه إمَّا إلى حين ريثما تهدأ العاصفة وتتبدد الغيوم وإمَّا إلى الأبد، على أن لا يعقبه زواج جديد ما دام الزوج المهجور حيًا. وهذا ما يجب أن يدفع طالبي الزواج إلى التروي والتبصر فلا يقدمون على عقده عن خفة وطيش. وإذا كانت الكنيسة تنصح بالخطبة تأهبًا للزواج فلكي تتيح لكلا الطالبين أن يتعرف كل منهما إلى صاحبه فيدرس أخلاقه ويطلع على أحواله، فإذا كان هناك من وحدة في التفكير والإيمان والأهداف أقدم وألاّ أحجم. وشرط التوفيق في كل زواج هو الإقدام عليه لا بدافع من شهوة بل بحافز من احترام ومحبة وخشية الله في قلب طالبيه وبريق النعمة يشع في عيونهما فيسهل التعاضد إذ ذاك وتحلو الحياة.

 

س- ما هي واجبات الزوجين نحو بعضهما؟

ج- واجبات الزوجين نحو بعضهما هي المحبة والوفاء والأمانة على العهد والثقة واحتمال نقائص بعضهما وروح التفاهم والغيرة على خلاص كليهما.

 

س- بماذا يقوم روم التفاهم بين الزوجين؟

ج- يقوم روح التفاهم بين الزوجين بأن يدرس كل منهما نفسية الآخر ويُلِم بحاله وحاجته ليستطيع أن يسد عوزه، ذلك لأن الرجل والمرأة جزءان متكاملان كل منهما يكمّل الآخر وقد خُلِقا مختلفين ليس بالجنس وحسب بل بالطبع والمزاج أيضًا، فخشونة الرجل وقوة ساعده وحزم إرادته وتعقله ضروري للمرأة كي تتوكأ عليه في ضعفها ووهنها، كما وأن لطف المرأة ورقّة شعورها وصبرها وقوّة جَلَدِها ضروري للرجل وقت الأمراض والمحن وضروري أيضًا بنوع خاص لتربية الطفل. فالرجل هو بمثابة العقل في الإنسان والمرأة بمثابة القلب. فما قيمة عقل يعقل بدون قلب وما قيمة قلب يحنو بدون عقل؟

هما جزءان متكاملان كل منهما ضروري للآخر ولن يكتمل إلاّ به وبقدر ما يسعى لتفهم نفسيته وسد حاجته.

 

س- وبماذا تقوم الغيرة على خلاص كل من الزوجين؟

ج- تقوم الغيرة على خلاص الزوجين بأن يعمل كل منهما على تغذية وتقوية إيمان الآخر بالله وعلى درء الأخطار الروحية عنه وتوفير الوسائل الروحية المجدية له للتحرر من ميوله وشهواته المنحرفة والارتقاء به في معارج الكمال. وبالجملة، الزوجان هما شخصان يستندان الواحد إلى الآخر ليصعدا إلى الله.

خلاصة الدين المسيحي


اليومَ العذراءُ تأتي إِلى المغارة. لِتلِدَ الكلمةَ الذي قبلَ الدُّهور. ولادةً تفوقُ كلِّ وَصْفٍ. فاطْرَبي أَيَّتُها المسكونَة. إِذا سَمِعْتِ. ومجِّدي مع الملائكةِ والرُّعاة. مَنْ شاءَ أَنْ يَظْهَرَ طِفْلاً جديداً. وهو الإِلهُ الذي قبلَ الدُّهور